في قرى ومناطق محافظة الضالع كان الخوف هو الحاكم، وكانت الأرض عبارة عن حقول موت قاتلة، زرعتها المليشيات الحوثية بلا رحمة في المزارع والمراعي والمناطق السكنية. ولعدة سنوات، عاش الأهالي بين رعب الانفجارات ومرارة الفقدان، حيث حصدت الألغام أرواح العشرات، وتركت آخرين بعد أن بترت أطرافهم أو أنهت حياة أحبائهم.
وفي قلب هذه المأساة، كان هناك ضوءٌ يشقّ الظلام، حمله الفريق 18 مسام، الذي بدأ منذ أواخر 2019 وحتى مطلع 2025 في سباقٍ مع الزمن، ونجح خلالها في تطهير 51 حقل ألغام، بمساحة تجاوزت 234,379 مترًا مربعًا من الأراضي الملوثة بالألغام والعبوات الناسفة والقذائف غير المنفجرة.
إنقاذ الأرواح واستعادة الأمل
وفي حديث خاص لمكتب مسام الإعلامي، كشف المهندس أحمد الردفاني، قائد الفريق 18 مسام، أن الفريق تمكن من نزع أكثر من 2000 لغم مضاد للأفراد، إلى جانب عبوات ناسفة مفخخة وقذائف غير منفجرة.
وأضاف: “نفذ الفريق ست عمليات إتلاف للألغام في مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية، للتخلص من هذه الألغام وفق أعلى المعايير الدولية، لضمان عدم تهديد هذه المخلفات القاتلة لحياة المواطنين مرة أخرى”.
مناطق عادت إليها الحياة
امتدت جهود الفريق إلى عدة مناطق في مديريتي قعطبة والضالع، منها: القفلة، بيت الحضرمي، الباطنة، الريبي، شخب، دبيان، لكمة القراميد، حبيل الميدان، وباجة. حيث لم يقتصر العمل على المزارع والمراعي، بل شمل المنازل، المدارس، وآبار المياه، التي ظلت لسنوات محاطة بخطر الانفجار في أي لحظة.
ومن بين المرافق الحيوية التي تم تطهيرها، مدرسة الشهيد منصر ناجي الليث، ومدرسة الريبي، ومدرسة شخب، والتي كانت تحتوي على مخلفات حربية خطيرة تهدد حياة الطلاب والمعلمين.
الأمل يعود إلى قعطبة
أشاد بكر محمد مانع، مدير عام مديرية قعطبة، بجهود فرق مسام، قائلًا: “عانت قعطبة من كابوس الألغام، حُرم المزارعون من أراضيهم، وتدمرت المدارس والمرافق الصحية، لكن بفضل جهود مسام، بدأت الحياة تعود تدريجياً. عاد المزارعون إلى أراضيهم، والرعاة إلى مراعيهم، مما ساهم في تحسين حياة المواطنين بعد سنوات من الألم والمعاناة”.
وشدد بكر محمد مانع على أن التحديات لم تنتهِ بعد، فالألغام المتبقية لا تزال تهدد حياة الأبرياء، مطالبًا بمواصلة الجهود لاستكمال تطهير المحافظة، وإنهاء هذا الخطر نهائيًا.
مسام غير حياتنا
قصص الناجين تحكي عن كفاح فرق مسام، كما عبّر نصر عبدالله جعوال، أحد أبناء منطقة القفلة، حيث قال: “كانت مزرعتي ملوثة بالألغام، وفقدت إحدى النساء قدمها بسبب انفجار، كما نفق أحد أغنامي. ولسنوات لم أستطع استغلال أرضي، لكن بفضل مسام، تطهرت المزرعة بالكامل، وعدت للزراعة وتم حفر بئر للمياه دون خوف”.
وأضاف نصر: “أخيرًا نشعر بالأمان في قريتنا. نشكر فريق مسام على جهودهم الجبارة، ونتمنى استمرار عملهم حتى يتم تطهير كل شبر من أرضنا”.
الطريق لم ينتهِ بعد
ما حدث في الضالع ليس مجرد عملية نزع ألغام، بل استعادة للحياة، وإحياء للأمل في نفوس أرهقتها الحرب. لكن المهمة لم تنتهِ بعد، فالألغام التي لم تُكتشف بعد، لا تزال تترصد الأبرياء.
في كل يوم، يواصل أبطال مسام عملهم، يقتحمون حقول الموت ليمنحوا اليمنيين فرصة للحياة. فالقصة في الضالع ليست نهاية الحكاية، بل بداية طريق طويل، عنوانه: الأمل لا يموت، ما دامت هناك إرادة لإنقاذه.
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 3, 2025
مارس 2, 2025
مارس 2, 2025
مارس 2, 2025
مارس 2, 2025