(المدارة) مقالات
تظل انقطاعات التيار الكهربائي مصدر قلق دائم بالنسبة لنا نحن الجنوبيين ، حيث تستمر الانقطاعات لمدة تصل إلى أكثر 10 ساعات يومياً ، وخصوصاً وصيف العاصمة عدن حار ، إضافة إلى تأخير صرف المرتبات وانهيار العملة المحلية امام العملات الأجنبية وتدهور الأوضاع المعيشية..
وهذه الأزمة الاقتصادية التي تضرب الجنوب ناتج عن عوامل داخلية وخارجية حدثت خلال فترة ما بعد حرب تحرير العاصمة عدن وهزيمة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران..
واليوم ، تم تعيين رابع رئيس للوزراء بن ” بريك ” ولكن لا يختلف عن الوزراء السابقين ، ويظل الوضع أسوأ مما عليه في السابق ، وبسبب إننا نمر بأزمة سياسية واقتصادية مدفوعة ببقاء بما تسمى السلطة الشرعية في الجنوب التي حرمت شعبنا الجنوبي من جميع حقوقه المشروعة التي اكتسبها في سنوات من النضال والتضحية ، يا إما أن يحكموا الجنوب أو تدميره كما نرى النموذج ما يشهده الجنوب
وقد عطلت هذه الشرعية جميع هياكل النظام في الجنوب وتمكنت من تركيز كل القوى السياسية والاقتصادية في أيدي مجموعة صغيرة من الفاسدين من جماعة الإخوان وغيرهم ، ممن يتلاعبون اليوم بمستقبل الجنوب
وهكذا تبدو عدن اليوم؛ مدينة مجروحة في كرامتها، منهكة من العبث السياسي، تحترق على وقع صمت من عاش فيها ، أولئك الذين رموا قداسهم في طرقاتها ومضوا دون التفاتة، تاركينها تتخبط في ظلال الانهيار.
عدن، العاصمة الجنوبية المؤقتة، لم تعد تشكو من أزمات عابرة أو ظروف طارئة، بل من حصارٍ منهجي فرضته عليها أطراف في الشرعية اليمنية، حولتها إلى ضحية لصراع المصالح والنفوذ. يتصدر مشهد المعاناة ملف الكهرباء الذي بات كابوسًا يوميًا للعدنيين، يتكرر بانتظام وبتجاهل فاضح لمعاناة المواطنين، وكأن حرّ الصيف ليس سببًا كافيًا لتحريك الضمائر.
لكن وسط هذا السواد، يبرز دور لا يمكن تجاهله لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ممثلًا بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، الذي تحرّك بثقل سياسي ووطني واضح لمحاولة تخفيف الأزمات المعيشية والخدمية عن كاهل المواطنين، رغم تعقيدات المرحلة وتعدد العراقيل.
منذ توليه عضوية مجلس القيادة الرئاسي، سعى الرئيس الزبيدي لأن تكون عدن أولوية وطنية، لا مجرد “محافظة “. فقد قاد تحركات دبلوماسية وميدانية هدفت إلى إعادة تفعيل ملفات الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء، ووجّه بدعم مشاريع الطاقة الطارئة، وفتح قنوات دعم مع الأشقاء في التحالف العربي، خاصة الإمارات العربية المتحدة، لتوفير وقود محطات التوليد وإنعاش البنية التحتية المهترئة.
ومع أن صلاحياته في المجلس القيادي لا تمنحه سيطرة كاملة على القرار التنفيذي، إلا أن الرئيس الزبيدي لم يتوانَ عن تحميل الأطراف المتسببة في افتعال الأزمات مسؤولياتها، وخاصة تلك التي تمارس سياسة العقاب الجماعي على عدن، من خلال تعطيل صرف الموازنات التشغيلية، وتأخير المرتبات، وعرقلة دخول الوقود، ومحاولات إرباك السلطة المحلية في العاصمة.
لقد أدرك الرئيس الزبيدي، مبكرًا، أن الصمت أمام هذه الممارسات هو مشاركة في الجريمة، ولذلك ظل يضغط – سياسيًا وإعلاميًا – من أجل وقف العبث، والانتقال من حالة “الشرعية الورقية” إلى مسؤولية حقيقية في حماية المدن المحررة، لا إضعافها.
أما مجلس القيادة الرئاسي – بشكله الحالي – فبات أقرب إلى غرفة مغلقة تديرها مصالح متضاربة، لا تنظر إلى عدن إلا بعين الريبة، وتتعامل مع صمودها كتهديد، لا كفرصة. هذه الذهنية لا يمكن أن تنتج حلاً، بل تعمّق الجراح، وتزيد من معاناة المواطن الذي لم يعد يثق سوى بمن يشاركه الأرض والمعاناة.
الغريب أن هذه المدينة، التي احتضنت الجميع يومًا، لا تجد من يحتضنها اليوم. من رضعوا من بحرها، وشربوا من عبير موانئها، يشاهدونها الآن تُجلد بالصمت، باللامبالاة، بل بالتشفي أحيانًا. لم يكتفِ البعض بتركها، بل بدأوا في جلدها، واتهامها، ومحاولة تقزيم دورها، كلما صرخت بأوجاعها.
عدن ليست مجرد جغرافيا. إنها رمز. وإذا سقط الرمز، سقطت معه الكثير من الثوابت. لن تُحلّ أزمتها ببضع تصريحات، ولا بمناقصات وهمية لمحطات كهربائية. تحتاج عدن إلى من يعترف بها، أولًا، كمكان يستحق الحياة. ومن ثم، إلى من يتحمّل مسؤوليته تجاهها دون مراوغة.
في لحظة الحقيقة، إما أن نرفع قداسنا لهذه المدينة، أو أن نعترف أننا رميناه عمدًا في وجهها.
وشتان بين من يحتفي بالمدن، ومن يبيعها في المزاد من قبل قوى الشرعية اليمنية .

نوفمبر 23, 2025
نوفمبر 22, 2025
نوفمبر 22, 2025
نوفمبر 8, 2025
نوفمبر 8, 2025
نوفمبر 6, 2025
نوفمبر 6, 2025
نوفمبر 5, 2025
نوفمبر 5, 2025
نوفمبر 5, 2025
أكتوبر 29, 2025
أكتوبر 23, 2025
أكتوبر 16, 2025