تقرير : مركز الأحقاف للدراسات الاستراتيجية والإعلام / 13 فبراير 2025م
كشف مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، عن استمرار التدهور في وضع اليمن، حيث حصل على درجة 13 من 100، ليحتل المرتبة 173 من أصل 180 دولة، مسجلًا تراجعًا بثلاث نقاط عن العام الماضي. هذا التراجع يعكس استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ سنوات، وسط تحديات متزايدة تعرقل جهود الإصلاح ومكافحة الفساد.
يعد الفساد في اليمن أحد العوامل الأساسية التي ساهمت في تدهور الأوضاع المعيشية، حيث تتعرض المؤسسات الحكومية لممارسات غير قانونية تتسبب في استنزاف الموارد العامة، مما يؤدي إلى ضعف الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. ويرى خبراء أن غياب الشفافية والمساءلة ساهم في انتشار الفساد على مختلف المستويات، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إصلاحات جذرية لوقف هذا التدهور المستمر.
في ظل هذا الواقع، برزت جهود حكومية مكثفة خلال الأسابيع الماضية لمكافحة الفساد وتحسين الأداء الإداري، حيث قام نائب مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج سالمين البحسني باتخاذ سلسلة من الإجراءات الهادفة لتعزيز الشفافية والحد من التجاوزات المالية والإدارية. شملت هذه الجهود عقد اجتماعات مكثفة مع الجهات الرقابية والمؤسسات المعنية بمكافحة الفساد، إلى جانب إصدار توجيهات صارمة لتعزيز آليات الرقابة على المال العام ومراجعة الأداء في عدد من القطاعات الحيوية.
وأكد البحسني، خلال لقاءاته الأخيرة، أن المرحلة القادمة ستشهد إجراءات أكثر حزمًا ضد الفساد، مشددًا على أن الإصلاح الإداري هو المدخل الأساسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. كما أشار إلى أن تعزيز دور الأجهزة الرقابية وتفعيل مبدأ المساءلة سيكونان حجر الأساس في أي خطوات مستقبلية تهدف إلى محاربة الفساد والحد من تأثيره على الاقتصاد الوطني.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الجهود الأخيرة ركزت على إعادة هيكلة بعض المؤسسات الحكومية لضمان كفاءة الأداء ومنع أي تلاعب في الموارد المالية. كما تم إطلاق عمليات مراجعة شاملة لعدد من الملفات المرتبطة بالمساعدات الإنسانية، بهدف ضمان وصولها إلى مستحقيها ومنع أي استغلال سياسي أو اقتصادي لها.
ويشير التقرير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية إلى أن الفساد في اليمن لم يعد مجرد تحدٍّ إداري، بل تحول إلى عامل رئيسي في إطالة أمد الأزمة وتعقيد جهود إحلال السلام. إذ يرى محللون أن بعض الأطراف المتنفذة تستفيد من استمرار غياب الرقابة، مما يعمّق الأزمة ويجعل محاولات الإصلاح أكثر صعوبة. كما أن التلاعب بالمساعدات الدولية وتحويلها إلى قنوات غير مشروعة أدى إلى تزايد معاناة المواطنين، في وقت تعيش فيه البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وفي هذا السياق، شددت التقارير الدولية على ضرورة دعم الجهود الإصلاحية التي يقودها مجلس القيادة الرئاسي، من خلال توفير دعم فني ولوجستي لتعزيز قدرات الأجهزة الرقابية وتطوير التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد. كما دعت المؤسسات المالية الدولية إلى وضع آليات صارمة لضمان استخدام أي مساعدات مالية أو إنسانية بطريقة شفافة وعادلة.
من جانبه، أكد البحسني في تصريحاته الأخيرة أن هناك إرادة سياسية قوية لإحداث تغيير حقيقي في ملف مكافحة الفساد، موضحًا أن المرحلة القادمة ستشهد خطوات أكثر جرأة لضبط أي مخالفات وضمان تطبيق القانون على الجميع دون استثناء. وأشار إلى أن الحكومة لن تتهاون مع أي جهة يثبت تورطها في قضايا فساد، مؤكدًا أن مصلحة المواطن اليمني تأتي في المقام الأول، وأن جميع الجهود ستتركز على تحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية.
وبالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، فإن التحركات الأخيرة تعكس رغبة حقيقية في التصدي لظاهرة الفساد ووضع حد لها. ومع ذلك، يرى خبراء أن نجاح هذه الجهود يتطلب تكاتفًا بين مختلف مؤسسات الدولة، إلى جانب إشراك المجتمع المدني في عمليات الرقابة والإبلاغ عن أي مخالفات، لضمان تحقيق أكبر قدر من الشفافية والمساءلة.
وتبقى مسألة مكافحة الفساد في اليمن رهنًا بتوافر بيئة سياسية واقتصادية مستقرة، حيث يشير محللون إلى أن استمرار الصراع والانقسامات السياسية يعيق بشكل كبير أي محاولات لإحداث تغيير حقيقي. كما أن غياب مؤسسات قضائية قوية ومستقلة يجعل من الصعب محاسبة المسؤولين عن الفساد، مما يتطلب إصلاحات قانونية وإدارية واسعة.
وفي ظل هذه التحديات، يترقب الشارع اليمني الخطوات القادمة في ملف مكافحة الفساد، وسط آمال بأن تسهم الجهود الحكومية الأخيرة في تحقيق تغيير ملموس على أرض الواقع. ويأمل المواطنون أن تكون هذه التحركات بداية فعلية لمرحلة جديدة يتم فيها تعزيز الشفافية والمساءلة، بما يضمن تحسين الظروف المعيشية ودفع عجلة التنمية نحو مسار أكثر استقرارًا.
رابط التقرير مؤشر الفساد
https://www.transparency.org/en/cpi/2024/index/yem?fbclid=IwY2xjawIa4PFleHRuA2FlbQIxMQABHUQVJ7EAKMm5iVSRafm6V_QgqcQXVe5H8mYfvKIEn1I6yCBi-MaYWAs6EQ_aem_2VSlJ0Fsbke_iLFuflwfWg
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025
فبراير 18, 2025